top of page

فلافي

  • عناية جابر
  • Aug 18, 2017
  • 3 min read

ثمة سرّ رباني يجمعنا وكائنات معينة ليست بالضرورة بشراً، قد تكون نباتات أو حجارة أو بحرا أو حيوانات.فلافي السيامية الفاتنة، وأهديتها في عيد الحب الفائت، طوقاً مخملياً أسود تتلألأ عليه بلطف، حبات ست من الستراس في تهدّج ضوئي، باهر ومأساوي. فلافي قطتي، أو هرّتي إذا ما استثنينا 'بسينتي' باللبناني الفاقع، وهي بالمناسبة صديقتي، مثقفة ومتابعة ممتازة لنشرات الأخبار على الفضائيات، كما وأعجبت على ما لاحظته منها، ببول أوستير (عيناه الغريبتان) في مقابلة معه على T.V.5. غرامها في الأساس هو أندي غارسيا، كما وتُبدي لهفة الى هيو غرانت، غير أنها غارزة أظافرها في يدي عبّرت عن افتتانها اللحظوي بأوستر.إنني أبالغ قليلاً؟ أبداً. ذات أمسية من أمسياتنا وحيدتين، ترقد في حضني وهرير فذّ يطلع من جسدها كلّه، يهدهد ملايين أوجاع البشر، سمعت على ما يبدو، كما سمعت أنا تماماً، خبراً عن السماح للنسوة الايرانيات بحضور مباريات الفوتبول في الملاعب الرياضية، أسوة بالرجال تماماً. قنطرت جذعها في حلول سعادة غامرة، ووجدت مشقة في تهدئة سعادتها والإبقاء علي هناءة رقدتها تحت سيطرة جذلى، وسوف لن أُخبرها في اليوم الثاني أن تحريماً على السماح عاد ليُفتي في المسألة، ويضبّب الأفق الكروي الأنثوي و الحميمي.ُفلافي تعرف تماماً كم مضى من أعوام على سمير القنطار في الأسر. ثمانية وعشرون عاماً أقول لها، وتهزّ رأسها موافقة، ثم عاصفة من الدموع المالحة من كلتينا حين أفلتوه من الأسر، وبدا أننا تراجعنا عن وعدنا السخيف بألا نبكي. كبست على زر الـ 'ريموت كونترول' . ففلافي تفضّل الهزليات الموسيقية والأفلام البوليسية والوسترن علي الغناء الأوبرالي، مغنّون وراقصون في عالم لا يدخله الألم، ولا يعرفه الموت ولا الحقيقة.شاهدنا برباطة جأش، فلافي وأنا على قناة الجزيرة أحد برامج التوك شو. نوع من المناظرة!! بين مصارعين حول حماس والسلطة الفلسطينية، وصفقنا معاً لذروة الفهم التي بلغتها السجالات، وكنت قد أحطتها بجماع يدي وأدنيت فمي من صدغها، في رغبتي الى تقبيلها حين أخذتها رعدة قرف، ليس من قبلتي، فأنا غالباً ما أقبّلها وتستجيب برفق، بل من عنف المتحاورين ما لم يعد يلائم طبيعتها المسالمة الهشّة.إن ألوان الحرمان المخجلة التي سببتها لها، والمتمثلة في تخدير مكامن شهوتها الى القطط الذكور، نتيجة معاينات دورية طبية أُخضعها لها، تجعلني متسامحة ومرنة أحياناً في توفير بدائل تعويضية لها، فأمّكنها من قناة ناشيونال جيوغرافيك ترى فيها الى أفعال الحب لبني جنسها، في مواءات لأذى جسدي حميم. تبحلق الى هررة عشاق لا ُيعدون، وقد تعانقوا على العشب الوافر في سهول العالم فوق طنافس من الحشيش، وعلى مقاعد ريفية في ظل اشجار السنديان، ويوشكون حتى على حفر الاحرف الاولي من اسمائهم على جذوعها.فلافي في حضني تلذعها أشواك رغبات مقتلعة بفعل لؤمي وأنانيتي. وبرها أو فروها البني و البيج وعيناها الرماديتان رماد زجاج مدخّن وتلوحان زرقاوين احياناً، وما يُشبه إشعاعاً طاهراً يطلع منهما، وانفها المصبوغ بلون وردي حار، وانغلاق وجهها ذي الرونق العجيب، ثم فمها المطلي بجرح طازج، عموما فتنتها الشيطانية هذه، من دون اي أمل يُذكر.مطواعة هي اليوم الى ثكل جسدها وعقوقه ما يجعلني أتمنى أن يتلف قلبي في الجحيم ثمناً لما اقترفته بحقها.ليست فلافي بعد، محصّنة تماما ضد لعبة الغزل والتناسل الدائرة امامها على الشاشة بين القطط الداشرة، حتى وان لم تأخذها على محمل الجد كثيراً. فالانتقال المفرط في عذوبته لشهوتها، من جسدها الى عينيها (ما اراه وهي تنظرني الآن) مما وافق طبيعتها الاصلية المتزنة، وقواها الروحية العالية التي تُرغم نزواتها الحسية بالانكفاء الى ردهة عقلها الخلفية. هل لها عقل؟ أجزم، أجل لها عقلٌ وروح !!لم أعرف لفلافي علاقة غرام واحدة. فلقد ربيتها صغيرة دون سن الرغبات، ومن ثم عملت على الحجر على رغباتها بالإبر التي أحرص على مواعيدها الثابتة. مأسورة بعلاقتها بي وحدي، نأكل ونشرب معاً، نقرأ ونتشاكي ونتفرج على التلفزيون. اقول لها في محاولتي اقناعها بأنني حبها الوحيد، بأن المتعة الخالصة لكائنين متفاهمين ـ مثلنا ـ هي العاطفة الابسط والاعمق يا فلافي، والتي تشكّل المصدر الطبيعي للمباهج كافة، دونها الاتصال الجسدي، المخرّب الفعلي لهذه السعادات.لمرة واحدة. مرة واحدة فحسب، خيّبت فلافي رهانات أخلاقية أعقدها عليها، ذلك حين تسلّق هرّ شوارع، الطوابق السبعة حتى باب بيتنا محدساً بوجودها في الداخل، مستهدياً الى رائحتها خلف الباب، مرسلاً مواءه الذكوري وتعجز عن الارفضاض عنه اكثرهن عفّة وصوناً. فلافي في استقوائها على البوابة الخشبية المتينة، والاخرى الحديدية الجبارة اظهرت رغبات كانت مؤجلة، وندماً عل ما فاتها من حرمان. تلك كانت مرة فحسب، وما لم يطلع ثانية القط الداشر ذاك، لن يعنّ الحب على بالها. عندها التلفزيون وعندها حبي وحناني كما بإمكانها أن تعشق- قلت لها - من بعيد.. لبعيد.

コメント


Recent Posts
  • White Facebook Icon

Follow me on

جميع الحقوق محفوظة © 2016 لعناية جابر والكتاب المشاركين ، وفي حال الاقتباس نرجو الإشارة إلى الموقع كمصدر

© 2016 by Samer Y. Saab. Proudly created with Wix.com

bottom of page