خاطرة #19
- عناية جابر
- Jun 10, 2017
- 3 min read
كنتُ في التاسعة وكان هو في الحادية عشرة . كمّا نمضي فترات بعد الظهر في حديقة بيتهم . ولما كنا طفلين جامحي الخيال أخذنا نخترع ألعاباً كثيرة .أما التسلية ارئيسة التي أذكرها فهي القصص المصورة التي كنا تفبركها . كان يُحسن الرسم أكثر مني وكنت أتفوّق عليه في فبركة الحكايات . كنت تابعة له بإخلاص وهكذا كان شأنه معي حتى خرجت أمي بأشرس مراسيمها :إإن له تأثيراً مخيفاً عليّ ويجب ألا أقابله بعد الآن . كان ذو عينين بُنبتين برّاقتين وبشرة شفافة كاللؤلؤ .. كان أشبه بكرة من الزبد .. فأين الخطر ؟
للجادين فقط : فزع فرجينيا وولف الأقصى تمثّل في فكرة سكنتها : " لن أستطيع الكتابة " اليقين الذي أرعبها وشكلّ منتهى انهيارها ، فدخلت البحر بجيبين مثقلتين بالحجارة الى أن ابتلعها اليمّ الى الأبد ..
هناك أمور عديدة أحاول ان أحدثك عنها . أعرف أن كل شيء ليس على مايرام في رأسي. وهذا صحيح وأنا أقوله بملء إرادني الحرّة . إنني في بعض الأحيان أصرخ وأصرخ دونما سبب على مايبدو , وكأنما يتعيّن أن يكون هناك سبب!! ولكن أجل أصرخ دونما وجود سبب أستطيع تبيّنهُ . ثم هناك الأوقات التي لاأقول فيها شيئاً. لاشيء, لاشيء, لاشيء، حتى أنني أنسى كيفية جعل الكلمات تخرج من فمي على امتداد أيام بلا إنتهاء . مازلت احب أن أركن في الظلام بلا حراك .. لاتغضب أرجوك ، فليس بمقدوري تجنب ذلك الان على الأقل .
أذكر المناسبة التي بدأ فيها الإحمرار المستمر من الخجل . أعتقد أن ذلك كان أثناء درس في الجغرافيا أو التاريخ لست متأكدة ، وتصادف أن أرسلت نظري عبر الممشى فإذا بصبي جميل أسمر ينظر في عيني مباشرة وعلى الفورشعرت بوجهي يلتهب. وإزداد إلتهابه واشتّد حين عدتُ أنظرُ في كتابي .وقلت في نفسي , يا الله إنني أحمّرُ خجلاً لأنه نظر في عيني مباشرة أو لأنني نظرت في عينيه .. ثم ماذا لو تكرّر هذا كلما نظرت في عيني صبي آخر .أحمّرُ خجلاً مازلت من النظر في العيون والأمر مضن كما ترون .
كنت فتاة نحيلة جداً، ولا أظن أنه كانت لدي سلوكيات قوية . إلإ أنه بشكل ما كان ثمة فتاة صغيرة جامحة سجينة عميقاً في أعصابي : هي بنت مدارس خجول في الظاهر أشبه بتلك الموصوفة في قصيدة معينة أو أغنية تقول :" كانت ترتجف لدى مرأى عبوسك" . ولكن فتاة المدارس الجامحة السجينة في ذاتي عميقاً ، أقصد ذواتي ، لم تكن بحاجة الى عبوس ليجعلها ترتجف , بل تكفيها لمحة ، إيماءة , وجه مضيء ، شفة مكتنزة , صدر واسع وعينين بُنيتين لترتعد إرتجافاً .
أذكر المناسبة التي بدأ فيها الإحمرار المستمر من الخجل . أعتقد أن ذلك كان أثناء درس في الجغرافيا أو التاريخ لست متأكدة ، وتصادف أن أرسلت نظري عبر الممشى فإذا بصبي جميل أسمر ينظر في عيني مباشرة وعلى الفورشعرت بوجهي يلتهب. وإزداد إلتهابه واشتّد حين عدتُ أنظرُ في كتابي .وقلت في نفسي , يا الله إنني أحمّرُ خجلاً لأنه نظر في عيني مباشرة أو لأنني نظرت في عينيه .. ثم ماذا لو تكرّر هذا كلما نظرت في عيني صبي آخر .أحمّرُ خجلاً مازلت من النظر في العيون والأمر مضن كما ترون
جاهدت طويلاً ضد الميل الى التملّك ، حتى أنني إختزلت رغباتي الى الأشياء بمجموعة كتب وزجاجة عطري المفضّل " باربري " وفرشاة أسنان قاسية ومعجون فائق التبييض ، أي قمت بتشييد عالم من متاع بخس . ثمة لاشك فكرة السفر المغوية غير أنها كفّت عن تعذيبي ، إذ تمرّنت على السفر فيما أنا في الحقيقة مسترخية على كنبتي لا أبرح
في مشهد من مشاهد رومي شنايدر في فيلمها :" قصة فيكي " كانت ترتدي قميصاً رياضياً أبيض ، ضيقاً وقصيراً ويُظهر بشرة خصرها الذهبية ، ولأنها لم تكن ترتدي حزاماً ، فعند كل إنحناءة - كانت تسقي الزهور - يرتفع قميصها سنتمرات إضافية ، تترك للكاميرا ، ولنا ، التحديق الأبله في الفسحة المتلألئة ، سوى أن في عينيها روحها الحارسة لكل أعضاء جسدها .شغوفة ومشهورة ومتحررة وجميلة ، لكن الموت طعن حياتها في الظهر إثر موت ابنها . بلغت آخر نفق عمرها في ذلك السبت الذي لحقت فيه وحيدها . ماذا كان ينقصك رومي ؟ ربما القليل من السلام والسعادة
Comentarios