top of page

خاطرة #16

  • عناية جابر
  • Apr 25, 2017
  • 2 min read

البيانو الذي لا يخاف الموت

غيّرنا أثاث البيت ويبدو لي الان بعد ان اصبح كل شيء جديدا، ان الارباك لم يكن يأتي من هذه الناحية. وانني وقد صرت من المتفننات بالتغيير، اظل ازعم بين الجد والمزاح، ان مشهدا مغايرا اضافيا مهما ضأل، يمحضني دفئاً وحرارة، ويعيد ابهاري في ضعفي وعجزي. بنقل الكراسي والطاولات من اماكنها الي اماكن اخري، وبابدال مواضع اللوحات من علي هذا الحائط الي ذاك، و بنفض الانتريه، والاجهاز علي مطلق قطعة مفروشات تعلن تململها لمرة وحيدة، اصنع ايامي واهتف بمرضي القديم. وهو مرض سبق له ان اقتلعني من حالات باشرتها، وبيوتات زرتها، وكتابات استهللتها، وصداقات عقدتها، وعلاقات راودتها عن نفسها.

لا ارى الحياة الا من زوايا القلع والبتر والخلخلة. وربما كان مزاجي وجها اخر لمزاج الحياة المتقلبة ابدا.

سعيت عمري الي تهدئة صبري النافد، وما زال نافدا يجتثث قلب الاشياء بأن يصيره اجتثاثا دؤوبا ممالئا لفرصة فهم اي امر. الاشياء لم تكن، ولا كنت انا نفسي يوما سبباً مؤذيا. مع هذا تستولي عليّ الخرافة بأنني ملعونة، وبأن كل ما يحيطني يجب ان يمحي بعد وقت قليل علي معايشته.

امحاء يخالطه تلذذ من دون نــــدم. ويبدو لي اليوم ان اصولي التي تتظهر خؤون للعامة، امتصت عدائي للبشر وللحياة نفسها واكدت لي اننــي علي قدر من الاختلاط الجميل، الذي يحميني من الكره.

غيرت الصالون والممشي وغرف النوم وغرفة الاكل وغرفة التلفزيون والمطبخ وتوابعهم، وابقيت علي البيانو الاملس لانه يذكرني بجد حقيقي، بحكاية انيسة، ولان وعيه بذاته قوي جدا، ولانني افكر ان البيانو لا يخاف من الموت. اكتفيت باعادة رشه باللون الاسود اللماع. لونه الاسود، اسود جدا، بحيث كان من الضروري لي مراعاة ان درجة سواده لن تتغير من رشة الي اخري. كما كان لزاما علي الاقل ألا يكون تغير واضح في درجات الوان الاسود قد يري علي انه طيش في الرش

الصباحات ليست كلها خيراً خالصاً . أستيقظ أحياناً وأهدهد نفسي : " نامي ، نامي .. العالم غير موجود !!

في صدري ترفٌ مُتراكم وحدائق حامية . شدّة داخلية تختبىء بين ثنايا الحرير .

تُشجيني مداخن المصانع . الطابع المأساوي الخاص باللون الأسود .

إنني في اللحظة المُذهلة التي تُشبه لحظة إرتكاب القصيدة !! .

أشرتُ له الى الشاطىء : أليس هذا أفضل ما يمكن أن يحدث للمرء ؟ العيش كما في بيت شعر لرامبو ؟ قرب الماء في بيروت ..

Commentaires


Recent Posts
  • White Facebook Icon

Follow me on

جميع الحقوق محفوظة © 2016 لعناية جابر والكتاب المشاركين ، وفي حال الاقتباس نرجو الإشارة إلى الموقع كمصدر

© 2016 by Samer Y. Saab. Proudly created with Wix.com

bottom of page