الصّبُ تفضحُهُ عيونه
- عناية جابر
- Apr 25, 2017
- 2 min read
كنت بحثت وسألت وتقصّيت، حتي عثرت أخيراً علي شاعر أغنية عبد الحليم حافظ: لايق عليك الخال الرقيقة لحناً وكلاماً وغناء وكاتبها الشاعر عبد المنعم السباعي. السباعي للمفارقة، بدأ حياته العملية كرجل حرب، بل وأكثر من ذلك شارك في ثورة 1953 من خلال إنضوائه حينها في تنظيم الضباط الأحرار. بهذه الخلفية العسكرية المُهدّدة كتب الرجل وجهه الآخر الشفيف ورقته التي ما بعدها رقة: لايق عليك الخال، يللي الهوي خالك، مشغول عليك البال، ولا حدّ علي بالك. لطالما أصغيت بملء جوارحي الي أغنية عبد الحليم هذه ووضعتها في المقام الأول في سلسلة سماعي العندليبي، تليها مباشرة أغنية: أنا لك علي طول خليك ليّا، من حيث الترتيب الإحتلالي لعمق الجوارح.لم أتوقّف طويلاً عند: أروح لمين غناء أم كلثوم، لليوزباشي الشاعر عبد المنعم السباعي نفسه، التي ألهبت الحناجر العربية ترديداً حتي هذه اللحظة، وسبب عدم توقفّي هو أنني دقة قديمة ميّالة بذائقتي الي الغناء الكلثـــــــومي الي ما قــــبل هذه الأغنــــية بأشواط زمنية، لمّا تستهويني قصائد وأغنـــــيات بصوتها من مثل: الشّك يحيي الغرام و قل للبخيلة و حقّك أنت المني والطلب و البُعد علمني السهر وسوي ذلك من روائع صوتها، ومما للأسف تأنفه الذائقة الحديثة! وإن كنت أتساءل هنا عن معني قديمة وحديثة، مادام الجمال هو الغاية والمرام، وأجده شخصياً في بدايات غناء السيدة العظيمة، كما أنني لا أستمع مُطلقاً الي ما أثمر عنه تعاونها الفني مع الموسيقار محمد عبد الوهاب، ذلك أنني لا أجد متعتي السماعية الصعبة في مثل تعاون صوت الست مع ألحان عبد الوهاب.بيني وبين الصديق الروائي يوسف أبو رية بعض الرسائل الألكترونية في تبادل الخبرات الموسيقية، وكان يوسف بعد قراءته مقالتي عن الشاعر حسين السّيد كتب يسألني مُقاربة بعض عوالم الشاعر مُرسي جميل عزيز، والتي للمفاجأة لم تقتصر علي كتابة أغنيات لأم كلثوم بل لمطربين عرب منهم السيدة فيروز التي غنت له من ألحان الرحابنة: سوف أحيا سوي انني لم أحبّ ما كتبه للست مثل:فات الميعاد و سيرة الحب و ألف ليلة وليلة صبّت في المعني الذي ذكرت، أعني قصّرت عن نوع الأغنيات التي تُشبعني، وشرط الشبع هنا أن أضبط نفسي (أتنّهد) بثقل ولوعة، الأمر الذي جافاني مع مثل هذه الأغنيات.وهي علي غرار الأغنيات التي كتبها شاعر أغنية مشهور ايضاً هو عبد الوهاب محمد الذي غنّت له الست: حب أيه اللي إنت جاي تقول عليه و حكم علينا الهوي فلا أريد أن أثقل علي القاريء هنا بمزاجي المتطلّب، فأكتفي بالقول أنني لا أبحث عن مثل هذه الأغنيات، حين أضني الي الطرب الثقيل.أنا ضعيفة أمام كلمات احمد رامي، وألحان الشيخ ابو العلا محمد، وصوت أعظم المجودات من نساء العرب في الصّب تفضحهُ عيونه أو طقطوقة يا كروان والنبي سلّم للملحن طبيب الأسنان أحمد صبري النجريدي، أو مونولوغ القصبجي في: إن كنت أسامح وانسي الأسية، او من ألحان داوود حسني: جنة نعيمي في هواكي ، وايضاً حُسن طبع اللي فتنّي و يوم الهنا حبي صفالي. كذلك الأمرمع الشيخ زكريا في: اللي حبّك يا هناه و جمالك ربنا يزيده .حين افكرّ أنني أستمع الآن الي نوع هذه الأغنيات، لأكثر من إستماعي إليها في ما مضي، أوقن بمدي حاجتي إليها، ويلسع أحشائي غيظ أبيض أعمي مما ألت إليه احوالنا الفنية، ومما نسمعه من أصوات غاصّة بالطفيليات. مطربون ومطربات مجذومون، قطاع طرق، مجرمون، عالم عربي برمته قائم فنياً فوق هوة من العدم. عبث ورثاثة وغناء رخيص يشبه السياسة، طاف من دون قعر.يمكنني المتابعة الي ما شاء الله، في تعداد الجذام الطربي راهناً، الأمر الذي يجعلني أتمسّك أكثر بـ جواهر أولئك الذين رحلوا وخلّفوا كل هذا الفراغ
.
コメント