مزيج اللون الرمادي
- عناية جابر
- Nov 6, 2016
- 2 min read
مزيج اللون الرمادي ، مع لمسة بلاتينية ، ثم تنزل السماء ، تنخفض ، ويُخيّل لي أنها تُصغي . أتلو صلاتي المجنونة وها أنت تدخل المقهى . لقد عاندنا طويلاً جداً في لعبة الإغواء والرفض . أرفعُ لقامتك القبعة ، ولا اقف ، اقصد أدعك تتقدّم إليّ بالذي فيك ، بعادتك الباردة التي لم يكتمل ريشها . الآن انت هنا ولن أبالغ في الخداع، أتوق فحسب الى أن أنظرك طويلاً ، وأعاود ذلك النظر بعينيّ اللتين لم أستعملهما من قبل ، كما يجب .
2
أحمل فرشاة رطبة وأضعُ الغصون على الشجرات الثلاث . الغيوم مُغطّاة باللهاث ، وعلى طرف اللوحة ، تبدو غاطسة بالنهر . إنني كتلك المرأة في قصيدة لشمبورسكا ، ويائسة - تقول شمبورسكا – من كل الجمال البعيد عن متناول يدها . تحت عنوان : " إنني أرفض أن أُدفن في مقبرة " أرسم ندوبي المُرّصعة بأحجار كريمة . أغصان الأشجار من الفضّة والفيروز . إن عالم الطبيعة الحقيقي بات خلفي ، ومن هلوسات غيابك أمعن في فوضى الألوان .
3
كلؤم شظية تحت الظفر ، يدّب الألم وينفض قلبي ويحمّر وينتفخ ويتدّلى .. مني . أرفعهُ بيدي وأرّبت على صدري ، أخفيه فلا يراه أحد . ماذا فعلت بالليالي الثلاث، رهيبات فاقدات الحس ، طعمها مُرّ خالية منيّ . ماذا فعلت ؟ طريد السفن وطريدي ؟ وإذا سألت ، فإنني أقول رأيتُ نجوماً زرقاء وأخرى خضراء عددتها كلها وعرفتُ أسمائها . وهل رأيت أنت بالمصادفة ، امرأة منبوشة الشعر حافية ، تتسوّل النوم ، وإنها لاتعرف الطريق إليه ، وإنها تُقيمُ في جورب مُمزّق ، وإن البرد كان ليقتلها . هكذا تقريباً كان الأمر ، وأشياء أخرى .
4
في أوقات الصباح ، عند الخامسة أو نحوها ، أمشي من شارع الحمراء الى ما بعد السان جورج . ومهما أسرعت الخطى ، أجد دائماً الشاب الوسيم قد سبقني الى هناك . كيف يحدث ولا أستطيع أن اصل الى السان جورج قبل ذلك الشاب الوسيم . الأغلب ، خطواته واسعة جداً وخطواتي ضيّقة جداً . وإذا تصادف ، وقد حدث فعلاً ، وكان الشاب الوسيم وصل ، ويرشف قليلاً من مشروبه المقوّي في وقت وصولي ، يتحوّل نهاري كله بصورة ما الى فوضى عارمة . أنا أمينة الى عاداتي وحريصة على رؤية البحر صباحاً قبل أيّ أحد ، واعتقد من الكياسة أن لا أجد الشاب الوسيم قد سبقني ، وما من سبب يوجب أن يسبقني فأنا أُحسن التصرّف بصباحاتي ولا أريد أن يعكرها أحد . غداً أقول له ألآ يفعل ، ألآ يسبقني أعني ، فإذا لم يستمع إليّ ، تفاقم كل شيء .
Comments